مستخدم:Hasanisawi/كيفية علاقة الفعل بفاعله عند ابن سينا
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
الفاعل يتحدد عند المتكلمة (كما المعتزلة)
بالفعل الإنساني، وعند الفلاسفة في مسألة الخلق وفي العلاقة السببية بين
الفعل والفاعل. ومن هذا المنطلق تتنوع العلاقة بين بين الفعل والفاعل. فكيف
يحدث الفعل ؟ وما هي مسؤولية الفاعل عن فعله؟, وما هي علاقة الفاعل
بالجوهر ؟ وما هي نوع العلاقة السببية بين الفعل والفاعل؟. وهل الإنسان
مخير أم مجبر ؟.
اعتقدت فرقة الجبرية - واحدة من فرق المتكلمين- أن الإنسان فاعل بالمجاز - أي مجبر في أفعاله وغير خالق لها. وقالوا أن الصفات نوعين: إلهية وبشرية؛ وصفة الخلق هي صفة إلهية. أما فرقة المعتزلة فقالوا إن الإنسان مخير في أفعاله، لأن الله لا يخلق الشر ولا يفعله حسب قوله تعالى: "وما ربك بظلام للعبيد", والإنسان مسؤول عن فعله وبالتالي مثاب أو معاقب عليه.
بين هذه المواقف المتطرفة في مسألة الجبر والاختيار, كان لفرقة الأشاعرة موقفا متوسطا فقالوا بنظرية الكسب. وهي أن الأفعال تسند لله خلقا وللإنسان كسبا. فالإنسان يختار بإرادته الفعل والله يهبه القدرة والاستطاعة على إتيانه. وهكذا يكون الإنسان مخيرا في إرادته، وتابعا في قدرته للمشيئة الإلهية.
ووفقا لأسبقية العقل على النقل او العكس, فقد انقسم المتكلمة بالتوالي إلى فرق كلامية عقلية (مثل المعتزلة)، وأخرى نقلية (كالأشاعرة). الذين قسموا القضايا إلى توقيفية وأخرى توفيقية, حيث الأولى تتعلق بالقضايا الميتافيزيقية التي لا يستطيع العقل أن يأتيها، وبالتالي فالأسبقية للنقل على العقل.
وبالانتقال من قضية الخيار والجبرية تبعا للمتكلمة إلى قضية الفاعل والجوهر (اللامتعين) تبعا للفلاسفة, تبرز واحدة من أهم المسائل: هل العالم محدث أم أزلي ؟. المتكلمة قالوا بانه مُحدث والله هو الفاعل التام للكون. أما الفلاسفة فقالوا أن الوجود لا بد ان يأتي من وجود سابق علية ولا يمكن ان يأتي من العدم. وهذا يعني أن الوجود مر في مرحلتين: مرحلة الوجود بالقوة ومرحلة الوجود بالفعل. بالنسبة لابن رشد الوجود بالقوة هو الجوهر الهيولي. أي ان العالم ازليا في مادته ومحدثا في صورته. أما الفارابي وإبن سينا فقالوا بنظرية الفيض. أي أن العالم احدى فيوضات اللة, وبالتالي فالعالم أزلي تبعا لأزلية مصدر الفيض. وهكذا يكون اللة في الفلسفة الاسلامية السبب الفاعل للكون. ولكن ما هي العلاقة السببية بين اللة والكون ؟>
المتكلمين يؤكدون أن الله هو السبب المحرك باعتباره الفاعل التام للعالم. أما الأطروحة الرشدية (نسبة إلى ابن رشد)، فتذهب وفقا للنظرية الفيضية الى أن الله هو فاعل للعالم من حيث صورته. أي أن الله هو المحرك الأول للعالم من حيث العلاقة السببية فقط وليس أولا من حيث الزمان. وهو كذلك المحرك الذي لا يتحرك. فالقدماء (المتكلمون والفلاسفة) يعتبرون الحركة فعل ينتج من سبب حارجي (فكل متحرك سبب حركته فاعل خارج عن ذاته).
1 ميتافيزيقية ابن سينا
2 نظرية الفعل عند ابن سينا
3 تعريف الفعل
4 العلم الإنساني تصور وتصديق
4.1 التصور
4.2 التصديق
4.2.1 التقييم
5 حكم نظري وعملي
5.1 القدرة
5.1.1 المرجح
6 الحكم العملي
7 ما الذي يجعل فعل الله مختلف عن فعل أي كائن آخر
7.1 الداعي
7.2 هل الإنسان مختارا بالحقيقة ؟,
7.2.1 القيمة الاخلاقية للانسان ومدى مسؤوليته عن فعله؟
7.2.2 الفضيلة ؟
7.2.3 مصدر الشر في الكون ؟
8 خلاصة
9 مصادر وحواشي
9.1 معاني
اعتقدت فرقة الجبرية - واحدة من فرق المتكلمين- أن الإنسان فاعل بالمجاز - أي مجبر في أفعاله وغير خالق لها. وقالوا أن الصفات نوعين: إلهية وبشرية؛ وصفة الخلق هي صفة إلهية. أما فرقة المعتزلة فقالوا إن الإنسان مخير في أفعاله، لأن الله لا يخلق الشر ولا يفعله حسب قوله تعالى: "وما ربك بظلام للعبيد", والإنسان مسؤول عن فعله وبالتالي مثاب أو معاقب عليه.
بين هذه المواقف المتطرفة في مسألة الجبر والاختيار, كان لفرقة الأشاعرة موقفا متوسطا فقالوا بنظرية الكسب. وهي أن الأفعال تسند لله خلقا وللإنسان كسبا. فالإنسان يختار بإرادته الفعل والله يهبه القدرة والاستطاعة على إتيانه. وهكذا يكون الإنسان مخيرا في إرادته، وتابعا في قدرته للمشيئة الإلهية.
ووفقا لأسبقية العقل على النقل او العكس, فقد انقسم المتكلمة بالتوالي إلى فرق كلامية عقلية (مثل المعتزلة)، وأخرى نقلية (كالأشاعرة). الذين قسموا القضايا إلى توقيفية وأخرى توفيقية, حيث الأولى تتعلق بالقضايا الميتافيزيقية التي لا يستطيع العقل أن يأتيها، وبالتالي فالأسبقية للنقل على العقل.
وبالانتقال من قضية الخيار والجبرية تبعا للمتكلمة إلى قضية الفاعل والجوهر (اللامتعين) تبعا للفلاسفة, تبرز واحدة من أهم المسائل: هل العالم محدث أم أزلي ؟. المتكلمة قالوا بانه مُحدث والله هو الفاعل التام للكون. أما الفلاسفة فقالوا أن الوجود لا بد ان يأتي من وجود سابق علية ولا يمكن ان يأتي من العدم. وهذا يعني أن الوجود مر في مرحلتين: مرحلة الوجود بالقوة ومرحلة الوجود بالفعل. بالنسبة لابن رشد الوجود بالقوة هو الجوهر الهيولي. أي ان العالم ازليا في مادته ومحدثا في صورته. أما الفارابي وإبن سينا فقالوا بنظرية الفيض. أي أن العالم احدى فيوضات اللة, وبالتالي فالعالم أزلي تبعا لأزلية مصدر الفيض. وهكذا يكون اللة في الفلسفة الاسلامية السبب الفاعل للكون. ولكن ما هي العلاقة السببية بين اللة والكون ؟>
المتكلمين يؤكدون أن الله هو السبب المحرك باعتباره الفاعل التام للعالم. أما الأطروحة الرشدية (نسبة إلى ابن رشد)، فتذهب وفقا للنظرية الفيضية الى أن الله هو فاعل للعالم من حيث صورته. أي أن الله هو المحرك الأول للعالم من حيث العلاقة السببية فقط وليس أولا من حيث الزمان. وهو كذلك المحرك الذي لا يتحرك. فالقدماء (المتكلمون والفلاسفة) يعتبرون الحركة فعل ينتج من سبب حارجي (فكل متحرك سبب حركته فاعل خارج عن ذاته).
محتويات
1 ميتافيزيقية ابن سينا
2 نظرية الفعل عند ابن سينا
3 تعريف الفعل
4 العلم الإنساني تصور وتصديق
4.1 التصور
4.2 التصديق
4.2.1 التقييم
5 حكم نظري وعملي
5.1 القدرة
5.1.1 المرجح
6 الحكم العملي
7 ما الذي يجعل فعل الله مختلف عن فعل أي كائن آخر
7.1 الداعي
7.2 هل الإنسان مختارا بالحقيقة ؟,
7.2.1 القيمة الاخلاقية للانسان ومدى مسؤوليته عن فعله؟
7.2.2 الفضيلة ؟
7.2.3 مصدر الشر في الكون ؟
8 خلاصة
9 مصادر وحواشي
9.1 معاني
ميتافيزيقية ابن سينا
عبر ابن سينا في أعماله عن رؤيته لله, باحترام مبادئ الإسلام, ولامس أيضا الفكر الكلاسيكي اليوناني وتقرب من الواحد الذي قال به افلوطين. الله بالنسبة لابن سينا هو كيان ضروري.ميز ابن سينا بوضوح بين جوهر الأشياء ووجودها, وذهب إلى أن مجرد التفاعل بين المادة والصورة لا يمكن أن ينتج الحركة والحياة والوجود. هذا الأخير ينشأ من قضية سببية تربط بالضرورة الوجود والجوهر، وفقط بهذه الطريقة أسباب الأشياء الموجودة يمكن أن تتعايش مع الآثار. النموذج الذي اسخدمه لتفسير الوجود والماهية, يكمن في تحليل وجودي لحالات الكينونة, التي ابن سينا قسمها إلى ثلاثة أنواع،الاستحالة، والصدفة, والضرورة؛ الكيان المستحيل هو الغير موجود, بينما الصدفة بحاجة لسبب خارجي عنها، أما الكيان الضروري، فهو فريد من نوعه، يعكس جوهره، وقادر على توليد الذكاء الاول. وفقا لنظام من الفيض, من الذكاء الأول ينبثق الثاني، وهلم جرا، حتى آخر واحد في السلسلة , وهو القمر. ويعتقد ابن سينا ان الكيان الضروري هو المحرك للذكاء الأول فقط, في حين أن الآخرين، فهو يرعاها بطريقة غير مباشرة. وفيما يتعلق بنطاق المعرفة وحدوث العناية الإلهية. ابن سينا يؤكد أن الله يعلم تفاصيل الأشياء بفضل علمه ووعيه. وأعرب ابن سينا عن تأييده لمفهوم الخلود لله وللكون على حد سواء، ونفى أن يكون هناك أي زمان او مكان سابق على الكيان الضروري.
نظرية الفعل عند ابن سينا
تفسر العلاقة بين الفعل والفاعلوما يميز الفعل بالإرادة عن الفعل بالطبيعة، وتحدد أن الأول ناتج عن الوعي.
وتناقش أيضا الفعاليات العقلية والنفسية التي تحدث قبل وقوع الفعل، ودور الغرض، والقدرة والمرجح في تحديد الفعل.
وما الذي يجعل فعل الله مختلف عن فعل أي كائن آخر.
وتعرض كيف ميتافيزيقية ابن سينا تحدد القيمة الأخلاقية لفعل الإنسان.
وتناقش اتساق الجوانب الميتافيزيقية والنفسية لنظرية ابن سينا
وتخلص إلى أن الله هو الكائن الوحيد ذو الإرادة المطلقة,
ومصدر الإدراك الذاتي للإنسان ككائن مريد هو السعي في محاولته لتقليد الله. [1]
تعريف الفعل
هو الأثر المترتب على فاعل موجود وجودا عينيا أي متشخصا. وبالتالي الكليات لا تصدر أفعال.[2]ويميز ابن سينا بين ما يصدر عن الفاعل بالعرض وما يصدر عن الفاعل بالذات.
- الفعل بالعرض: يرتبط بالفاعل بواسطة فعل أولي.
- الفعل بالذات: يرتبط مع الفاعل كارتباط العلة بالمعلول. [3]
-
- الفعل الطبيعي: في حالة تلازم الفعل والفاعل ويكون صدور الفعل بالطبع او عن قوة طبيعية لعدم وجود مانع. ومنها ما يحصل لاتصاف الفاعل بصفة ذاتية, مثل الأفعال الإدراكية الصادرة عن قوى النفس الناطقة. بعض هذه الفعال تصدر عن النفس بسبب ارتباطها بالبدن كأفعال الحواس الخمس. وبعضها الأخر يصدر للنفس في ذاتها وهو فعل الإدراك العقلي. ويقول ابن سينا أن هذه الأفعال الإدراكية(حسي وعقلي) متمانعة متعاندة, أي إذا اشتغلت انفس بأحدهما انصرفت عن الأخر. .
-
- الفعل الإرادي: كل فعل يصدر عن فاعل وغير منافي له. ولكن هذا التعريف
ليس كافي إذ يمكن ان تندرج تحته أفعال بالطبيعة. ولذلك لا بد من إضافة
شرطين:
- 1- أن يكون المريد شاعر بذاته ؛ وهذا الشرط يقتصر على الله وعلى الإنسان. فاللة عاقل ومعقول وعقل وفعله عين تعقله لذاته. والإنسان موجود ذو نفس ناطقة, فهو بالضرورة شاعر بذاته. ويقول ابن سينا الفعل والشعور بالذات متلازمان, فإذا قلت فعلت كذا, فقد عبرت ان إدراكي بذاتي.
- 2- أن يكون مبدأه علما أو ظنا أو تخيلا. هذا الشرط يحدد جهة صدور الفعل, فإذا كان علما, فهو يشمل فعل الله بإطلاق وبعض أفعال الإنسان. أما إذا كانت جهة الصدور ظنا او تخيلا فهو يشمل أفعال الإنسان الأخرى.
- الفعل الإرادي: كل فعل يصدر عن فاعل وغير منافي له. ولكن هذا التعريف
ليس كافي إذ يمكن ان تندرج تحته أفعال بالطبيعة. ولذلك لا بد من إضافة
شرطين:
العلم الإنساني تصور وتصديق
التصور
- التصور أما ان يكون حسيا أو عقليا. وبينهما مرتبتان: مرتبة يكون فيها التصور ظنيا والأخرى وتخيليا. ولما كان التصور مبدأ التصديق وهو سابق عليه فهو مبدأ الفعل, فما لم يكن تصورا لم يكن فعلا. وبما ان التصور فاعلية للنفس ولا يقتضي حكما فانه ليس خطأ أو صحيح معرفيا وكما انه لا يلجي للفعل , فليس حسنا او قبيحا أخلاقيا (وجوديا). [6]
التصديق
- التصديق (أو الحكم) يلي التصور, وهي المرحلة التي يتم فيها تقييم التصور من حيث نفعه او ضرره. وبالرغم من ان التصديق شرط ضروري لحصول الفعل الإرادي, لكنه لا يلزم صاحبه لكي يصدر الفعل. فهو وإن احتمل الصدق او الكذب معرفيا لا يستدعي المدح او الذم اخلاقيا.[7]
التقييم
التقييم فاعلية داخلية- لمعرفة نفع او ضرر التصور- ولكنه يثير فاعلية اخرى. التي يمكن اعتبارها مرحلة تالية للتقييم, حيث يتم فيها الشعور بالشوق او بالنفرة وفقا للتقييم الأولي. وفقط اشتداد هذا الشعور بالنفس يمكن أن يبعث إلى الحركة والفعل لتحصيل المراد. [8]حكم نظري وعملي
يمكن تلخيص ما سبق في أن الإنسان قبل ان يقوم بفعله يصدر حكمين: - نظري وعملي. الأول يحصل عن فعالية العقل النظري الذي يتأمل الكليات او المقدمات الكبرى كما يسميها ابن سينا. والثاني يحصل عن فاعلية العقل العملي الذي يأخذ نتيجة ما تروى به العقل النظري ويصدقها على الأمور الجزئية: ماذا ينبغي ان يفعل او يترك وما ينفع او يضر وما هو جميل او قبيح او خير او شر. [9]ولكن هل تقتضي الإرادة القدرة على الفعل ؟
القدرة
القدرة كما يعرفها ابن سينا هي صدور الفعل بمشيئة الفاعل. أي ان الفاعل في هذه الحالة يمكنه الاختيار بين الفعل وضده.ولكن هل القدرة في الإنسان تعني انه مختار في فعل ما شاء ؟. يقول ابن سينا ان الفعل لا يصدر عن الانسان من حيث قدرته فحسب, بل يجب اقتران القدرة بالمرجح. [10]
المرجح
المرجح ضروري لإخراج الخيار الأمثل من القوة إلى الفعل. لأن المرجح هو ما يترتب على الفعل وجوديا من نفع او مدح او ميتافيزيقيا من خير او شر. ومن الواضح أن هذا الخيار يعتمد أيضا على الظروف المحيطة بالفاعل الإرادي.وباختصار القدرة في الإنسان تعني انه متى شاء ولم يكن هناك مانع فعل. [11]
الحكم العملي
يسبق فعل الانسان امور كثيرة مثل تصور وتصديق وشوق وإرادة وقدرة ومرجح, ولكن الأهم هو الحكم العملي. الذي يعتمد على امرين: النظرة النفعية والقيمة الاجتماعية, وكلاهكا يرتبط بميتافيزيقية الخير والشر. النظرة النفعية هي الداعي الاول للانسان لما يجب عليه ان يفعل. القيمة الأخلاقية للفعل من قبح او حسن, خير او شر تعتمد على اعتبارات اجتماعية تؤلف قيمها نظرة وضعية (التجربة) او ميتافيزيقية (ادراك مجرد) . وهذا يعني ان المسؤولية الاجتماعية هي معيار الفعل الارادي الصادر عن حرية التصرف.ولكن هل هذا يوضح أيضا مسألة الجبر أو الاختيار ؟. [12]
ما الذي يجعل فعل الله مختلف عن فعل أي كائن آخر
يعتقد ابن سينا ان الفعل يرتبط بالداعي (أو الغاية) والغرض (أو المرجح), وهذا الرابط هو ما يميز فعل اللة عن فعل غيره. [13]الداعي
- الداعي في الإنسان اما ان يكون تصورا حسيا (شهوة والغضب) وفي هذه الحالة لا يختلف الإنسان عن الحيوان. حيث لا يحدث إرادة متوسطة بين صدور الفعل والاعتقاد بالملائمة او النفرة.
- وإما ان يكون الداعي تصورا عقليا (استكمال ذاته), لان كل متحرك بالإرادة مستكمل.
وهذا لا يعني ان وجود الغاية تعني حصول الفعل بالضرورة, إلا في حركة الأفلاك الشوقية. [14]
يقول ابن سينا إن فعل الله متميز عن فعل غيره لأنه غير متحرك وبالتالي غير مستكمل, ولأن إرادته غير تابعة لداع أو غاية.
ولكن الأفعال في هذا النوع من الإرادة, تكون صادرة عن طريق اللزوم. ويقول ابن سينا ان هناك نوعين من اللزوم, اما عن طبيعة الفاعل كصدور الضوء عن المضيء, او عن علمه بذاته, كصدور الموجودات عن الباري كنتيجة لعملية الفيض.
وللخروج من مأزق هذا اللزوم او الضرورة, يقول ابن سينا ان المختار بالحقيقة هو الذي لا يدعوه داعي الى فعل ما يفعله. وهذا التعريف لا ينطبق إلا على الله حيث الغاية والفاعل شيئا واحدا. [15]
هل الإنسان مختارا بالحقيقة ؟,
يتضح مما سبق ان الفعل الصادر عن مختار بالحقيقة هو الذي يصدر عن فاعل ذي علم تام. وهذا لا ينطبق على فعل الإنسان لان علمه مشوب بتخيل بسبب اتصال النفس بالبدن, وبالتالي ففعل الإنسان ليس صادر عن اختيار. وفي هذا يقول ابن سينا ان الإنسان "مضطر في صورة مختار". فإن كان كذلك فمن أين أتى للإنسان هذا الشعور بالاختيار ؟.يميز ابن سينا بين الفعل بالإكراه أو بالاختيار. فالأول يصدر عندما يكون الداعي غير موافق للفاعل, حتى لو كان فيه إصلاحه. أما في حالة الاختيار فيكون صدور الفعل موافق لأقوى القوى التي يشعر بها الفاعل. [16]
- فإذا لم يكن الإنسان مختارا بالحقيقة فما هو حكم فعله؟.
القيمة الاخلاقية للانسان ومدى مسؤوليته عن فعله؟
يقول ابن سينا: "اذا كان القدر فلما العقاب ؟", ويتابع بالقول ان الفعل الحسن الذي يصدر عن النفس وتتوخى منه خيرها واستكمالها الذاتي, هو عين الثواب الذي تسعد به. أما الفعل القبيح الذي يصدر عن النفس ولا تتوخى منه خيرها, فهو عين العقاب الذي تشقى به. [18]الفضيلة ؟
يعتقد ابن سينا ان الفضيلة ملكة ونسبة الأفعال الجميلة إليها كنسبة التأملات بالنسبة لليقين, فكما التأملات والافكار لا توجد اليقين بل تعد النفس لذلك, فكذلك الأفعال الحسنة تعد النفس لقبول الملكة الفاضلة من فيض واهب الصور. أي النفس التي بأفعالها الحسنة تصبح فاضلة بالقوة بذلك الفيض تصبح فاضلة بالفعل. [19]مصدر الشر في الكون ؟
يعتقد ابن سينا بعدم الشر ميتافيزيقيا, ولكنه يعترف انه موجود بالعرض. الذي يكون بحكم الضرورة , فالنار لكي تكون خيرا لا بد ان تحرق, وإما لعجز المادة عن قبول النظام التام. [20]خلاصة
نظرية ابن سينا في الفعل تتكون من شقين: سيكولوجي وميتافيزيقي. الشق الأول يتعلق بارتباط الفعل بالفاعل المتعين والمتشخص, وبكيفية صدور الفعل. وما يسبقه من فعاليات ذهنية (كالتصور والتصديق والحكم النظر والعملي) وسيكولوجية (كما الشوق والقدرة والغاية والغرض), ويتعلق أيضا بما يميز الفعل الإنساني عن الفعل الإلهي.أما الشق الثاني الميتافيزيقي, فيتعلق بحتمية الكون وما يجري فيه من أحداث وفقا لعلم الله وإرادته وقدرته. وبما ان الإنسان جزء من هذا الكون فالحتمية تتحول إلى جبرية . [21]
ولكن هل هناك اتساق بين شقي نظرية ابن سينا بين؟.
يقول ابن سينا فيض الصور المعقولة على النفس الناطقة تجعل العقل عقلا بالفعل (العقل المستفاد). وفيض صور الموجودات تجعلها موجودة بالفعل. فالعقل الفعال (واهب الصور) هو سبب العلم الإنساني سواء تصورا او تصديقا. ويكون هذا العلم أتم كلما كان الفيض أتم.
فالإنسان في مرتبة العقل المستفاد تكون قوته قد تشبهت بأفعال الباري. ويكون ذلك عندما يكون الخير الغاية من الفعل واستكمال النفس. أي عندما يكون الفاعل والغاية أمرا واحدا.
مصادر وحواشي
- ^ نظرية ابن سينا في الفعل. سلمان البدور. المجلد 15 العدد 3. 1988.
- ^ الكليات" هي كيانات فكرية يمكن أن تنطبق على عدة أفراد. عند صياغة جمل مثل "كل رجل عقلاني"، فنحن نستخدم بعض المصطلحات في هذه الحالة "رجل دون الاشارة إلى شخص محدد. الخلاف حول مفهوم الكلي هي القضية الاولى للمدارس الفلسفية واللاهوتية. جوهر القضية يدور حول عما إذا الكليات موجودة أو هي فقط أفكار في عقل من يفكر فيها. أي إذا كانت فكر أو كينونة، أو إذا كانت كلمات أو حقيقة. النقاش دار حول ثلاثة مواقف مختلفة, وهي: - الكليات حقيقية، ولكن سابقة على الاشياء المحسوسة , في اللة قبل الخلق (universalia ante rem). - الكليات موجودة في الأشياء كجوهر (universalia in re) - الكليات تصبح واقعية فقط عندما يعيها العقل (universalia post rem)-
- ^ العلة والمعلول مصطلح من المصطلحات الفلسفية والكلامية على السواء. ويعتبر قانون العلية أهم الركائز لإثبات أي حقيقة حتى إثبات وجود هذا الكون بكل ما فيه من موجودات مادية. العلة: هي القوة الفاعلة والمؤثرة في غيرها. المعلول: هو الأثر المترتب على تلك العلة والناتج عنها. مثلاً غليان الماء،سببه تعرض الماء إلى الحرارة. فالحرارة علة والغليان معلول. ووفقا لاستقلال العلة أو عدمه في التأثير تنقسم العلة إلى قسمين: - علة تامة و - علة ناقصة. الاولى مستقلة في التأثير, أي يلزم من وجودها وجود المعلول ومن عدمها عدمه. أما العلة الناقصة فهي غير مستقلة في التأثير،وإنما مشاركة لغيرها. أي وجودها لا يلزم وجود المعلول،ولكن عدمها يلزم عدم وجوده. مثال على العلتين: النور لا ينبثق عن المصباح إلا من خلال اتصاله بالطاقة الكهربائية. فهنا الطاقة الكهربائية هي علة تامة . أما السلك فوظيفته توصيل الطاقة إلى المصباح . وبما أن السلك غير مستقل في التأثير وإنما هو مشارك لغيره (الطاقة), فهو إذن علة ناقصة. وتنقسم العلة وفق لدورها في إيجاد المعلول،إلى أربعة أقسام (حسب التقسيم الأرسطي) : - العلة الفاعلية؛ وهي التي تفعل الفعل؛ - العلة المادية, وهي الأجزاء المادية التي يتكون منها المعلول؛ - العلة الصورية, وهي الجزء الذي يتكون منه شكل المعلول ؛ - العلة الغائية وهي الغاية المرادة من فعل الشيء. مثلا في حالة طاولة من خشب, فالنجار هوالعلة الفاعلية الذي قام بصنع لطاولة. والخشب هي العلة المادية . والشكل المستطيل للطاولة هي العلة الصورية. وأن نكتب عليها هي العلة الغائية. ويجدر الاشارة الى أن العلة الفاعلية تنقسم إلى قسمين:- الاولى هي العلة الفاعلة بالاختيار, التي تكون حرة مختارة،إن شاءت فعلت،وإن شاءت لم تفعل، فيمكنها الفعل كما يمكنها الترك. والثانية هي العلة الفاعلة بالاضطرار, التي يمكنها الفعل ولا يمكنها الترك. كالنار في إحراقها فهي إذا حرقت الشيء، لا يمكنها أن تتوقف عن حرقه.
- ^ [... الفعل قسمان إرادي كفعل الحيوان والإنسان وطبيعي كفعل الشمس في الإضاءة والنار في التسخين والماء في التبريد وإنما يلزم العلم في الفعل الإرادي (كما في الصناعات البشرية) ولا يلزم في الفعل الطبيعي. وإن الله فعل العالم بطريق اللزوم عن ذاته بالطبع والاضطرار لا بطريق الإرادة والاختيار, بل لزم الكل ذاته كما يلزم النور الشمس, وكما لا قدرة للشمس على كف النور ولا النار على كف التسخين فلا قدرة للأول على الكف عن أفعاله. وهذا النمط وإن تجوز بتسميته فعلا فلا يقتضي علما للفاعل أصلا. فإن قيل بين الأمرين فرق وهو أن صدور الكل عن ذاته بسبب علمه بالكل فتمثل النظام الكلي هو سبب فيضان الكل ولا مبدأ له سوى العلم بالكل والعلم بالكل عين ذاته فلو لم يكن له علم بالكل لما وجد منه الكل بخلاف النور. دَرْءُ تَعَارُضِ العَقْلِ وَالنَّقْلِ. شيخ الإسلام ابن تيمية. الجزء العاشر.
- ^ يقسم ابن سينا الحركة إلى نوعين: حركة قسريّة وحركة إراديّة وتصدر الحركة القسريّة عن محرّك خارجي يدفع المتحرّك إلى الحركة قسرا. وأمّا الحركة الإراديّة فإنّ منها ما يحدث على مقتضى الطّبيعة ومنها ما يحدث ضدّ مقتضى الطّبيعة. والنّوع الذي يحدث على مقتضى الطّبيعة هو كسقوط الحجر من أعلى إلى أسفل، أمّا النّوع الذي يحدث ضدّ مقتضى الطّبيعة فهو كتحليق الطّائر إلى الأعلى بدل أن يسقط إلى الأسفل فهذه الحركة المضادّة للطّبيعة إنّما تستلزم محرّكا خاصّا زائدا على عناصر الجسم المتحرّك، وهذا المحرّك هو النّفس. وكذلك تدلّنا أفعال الكائن الحيّ من تغذّ ونموّ وتوليد وإحساس وحركة بالإرادة، على أنّ هذه الأمور الطّبيعيّة لا يمكن أن تصدر عن الجسم وحده فلا بدّّ بأنّها تصدر عن مبدإ آخر غير الجسم وهذا المبدأ الذي تصدر عنه هذه الأفعال المختلفة هو النّفس.
- ^ العقل والفعل في الفلسفة الاسلامية. الدكتور سلمان البدور. 2006
- ^ المصدر السابق
- ^ المصدر السابق
- ^ المصدر السابق
- ^ المصدر السابق
- ^ المصدر السابق
- ^ المصدر السابق
- ^ المصدر السابق
- ^ المصدر السابق
- ^ المصدر السابق
- ^ المصدر السابق
- ^ المصدر السابق
- ^ المصدر السابق
- ^ المصدر السابق
- ^ المصدر السابق
- ^ المصدر السابق
معاني
- الغَرَضُ : الهدف الذي يُرمَى إِليه. والغَرَضُ البُغية والحاجة. والغَرَضُ القصدُ : يقال: فهمتُ غَرَضَك: قَصْدَكَ. والجمع : أَغراض .
- الداعي هو السبب ، واصطلاحا هو السبب المؤثر في الإتيان بالفعل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق