مستخدم:Hasanisawi/اشكالية الاصالة والمعاصرة

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
موضوع التقرير: الحداثة بهدف تحديد مسار لتجميع معلومات حول مفهوم الحداثة, من الافضل البدء بطرح بعض الاسئلة المتعلقة والتي ربما تساعد في تحديد معالمها الاولية.

محتويات

     1 اسئلة عامة حول الحداثة
    2 ما هي الحداثة
    3 إشكاليات الفكر العربي المعاصر/ الجابري
    4 اشكالية الاصالة والمعاصرة في الفكر العربي الحديث والمعاصر
        4.1 الفكر والواقع
            4.1.1 ما هو الفرق بين الاشكالية والمشكلة
        4.2 الاصالة والمعاصرة, هل هي ازدواجية مفروضةام اختيار ؟
            4.2.1 السؤال النهضوي والانتظام في التراث
            4.2.2 الأخر ودوره المزدوج
            4.2.3 لماذا هذا الموقف المزدوج ازاء الماضي وماذا يترتب عليه
            4.2.4 الوضع الاشكالي للنهضة العربية
            4.2.5 العقلانية والروح النقدية
        4.3 خلاصات
    5 مصادر
    6 وصلات خارجية

اسئلة عامة حول الحداثة

  • ما هي الحداثة بشكل عام ومتى ظهرت
  • هل توجد تعريفات مختلفة للحداثة وفقا لاختلاف الثقافات
  • ما هو المفهوم ال
  • هل هناك حداثة عربية اصيلة او انها مفاهيم مستوردة من الثقافة الغربية
  • من هم رواد الحداثة في العالم العربي
  • هل التراث يعتبر عائق من عوائق الحداثة

ما هي الحداثة

كلمة حداثة (بالإنجليزية: Modernity) تشير الى أي عملية التجديد لكل ما هو قديم من ثقافات فكرية وعادات. مثلا الاكتشافات العلمية أنشأت بيئات جديدة، وعجلت حركة الحياة، وبلورت كافة الاتجاهات الاجتماعية والسياسية والدينية، وأظهرت قوى وسلطات جديدة، وبالتالي غيرت الصراعات الطبقية وفصلت اغلبية البشر عن عاداتهم القديمة. [1]
كما قلنا الحداثة أنشأت تغييرات اقتصادية وسياسية واجتماعية , وهذه التغييرات على ما يبدو بدأت في أوروبا في القرن السادس عشر.
البعض يؤرخ بداية الحداثة عام 1436، مع اختراع الطابعة المتحركة. البعض الآخر يرى أنها بدأت عام 1520 مع الثورة اللوثرية ضد سلطة الكنيسة. ومجموعة أخرى قالت عام 1648 مع نهاية حرب الثلاثين عام ومجموعة اخرى تربطها بالثورة الفرنسية عام 1789 أو بالثورة الأمريكية عام 1776 , وبعض المفكرين يظنون انها بدأت عام 1895 مع كتاب فرويد "تفسير الأحلام".[2]

وبلغت الحداثة ذروتها في الربع الأول من القرن العشرين، وتمتد مكانيا من روسيا إلى الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية، وتضم مذاهب فنية وأدبية مختلفة: كالمستقبلية والتصويرية والانطباعية والسريالية. [3]; [4]

إشكاليات الفكر العربي المعاصر/ الجابري

إشكاليات الفكر العربي المعاصر هي مجموعة القضايا النظرية التي يناقشها المفكرون العرب في الوقت الحاضر. وتتناول وضع العرب الراهن بعلاقته مع الماضي العربي ومع الحاضر الأوروبي. الذي يفرض نفسه كحاضر للعالم بأكمله.
يستخدم الجابري عبارة "الماضي العربي" ليشير الى استمرارية حضوره في الواقع العربي المعاصر, الفكري والاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
ويقول ان التناقض في واقعنا العربي يأتي من صنفان: الاول موروث من الماضي, من حضارتنا في العصور الوسطى, بتقنياتها اليدوية وقيمها الدينية, والصنف الثاني يأتي من الحاضر, من حضارة الأخر, بتقنياتها الآلية وقيمها المادية.
هذا الكتاب يشمل دراسات وبحوث كتبت في مناسبات مختلفة وفي اوقات متباعدة. ولكنها جميعا تواجه الجانب الاشكالي للفكر العربي المعاصر . الذي يعكس نوع من الانشطار بين الماضي الذي يريد تجاوزه والحاضر الذي لم يعد ينتمي له. وهذا ما يجعله يشعر بنوع من فراغ الهوية وبالتالي التوتر والقلق. هذا البعد السيكولوجي للفكر العربي المعاصر ليس الا انعكاس لصورة ذهنيه مشوشة كونها العربي لنفسه عن الواقع الثقافي والاقتصادي والسياسي.
إشكالية الأصالة والمعاصرة، وأزمة الإبداع وإشكالية الوحدة والتقدم ومسالة النهضة المستقبلية، ومسألة العلاقة بين العرب والغرب ، ومسألة الروحية والعصر ومهام الفكر العربي في عالم الغد، كلها عناوين موضوعات لهذا الكتاب، وهي ليست الا تجليات لواقع عربي متشابك، في الزمان والمكان وبين القديم والجديد, يشوش الرؤية ويثير التوتر والقلق.[5]
ومن هنا ضرورة نزع طابع الاشكالية عن قضايا الفكر العربي المعاصر, او على الاقل التخفيف منه الى اقصى درجة, تحتاج الى نقد صورة الواقع العربي التي كونها العربي عن نفسه. وهذا هو كل الطموح الذي يريد الوصول اليه هذا الكتاب. الذي لا يريد تقديم حلول لهذه الاشكاليات وانما تطمح الى تحليلها بطريقة نقدية, بهدف اعادة طرحها بطريقة منظمة غير مشوشة.

اشكالية الاصالة والمعاصرة في الفكر العربي الحديث والمعاصر

الفكر والواقع

يقول الجابري الفكر لا يعكس الواقع كما تفعل المرآة. حتى في ادنى مستويات درجات استقلاليته النسبية, فان الصورة تكون مهشمة. وبالتالي عملية الربط الميكانيكية بين الفكر والواقع تعتبر عملية ضالة. الربط بينهما يجب ان يأتي من خلال عمليتين تحليليتين, وهما:
  • عملية تحليل الواقع للكشف عن بنيته من متغيرات وثوابت. او كما يقول الجابري "استخلاص النموذج الصوري".
  • عملية تحليل الصورة المهمشة لدى عامة الناس وإعادة ترتيب اجزائها. لاستخلاص صورة الوعي الطبقي الصحيح.
وبدون هاتين العمليتين تبقى عملية الربط بين الفكر والواقع, ساذجة. وفي احسن الاحوال تكون عملية ربط ميكانيكية لا تأخذ في الاعتبار تعقيدات الظواهر الانسانية.
ويقول الجابري ان هناك درجات متفاوتة في ربط الفكر بالواقع. او بالاحرى في تفاوت استقلاليتها النسبية عن الواقع. فهناك مستويات من الفكر بعيدة كل البعد عن الواقع, مثل:
  • القضايا النظرية المجردة كالفلسفة والمنطق والرياضيات, لا ترتبط بواقع معين. وايضا
  • القضايا الايدولوجية الدينية, وبشكل عام الايدولوجيات التراثية التي انفصلت عن السياق التاريخي الطبقي الذي انتجها. فمثلا هناك البعض لا يزال يعتقد بأفكار المعتزلة رغم ان السياق الذي انتج هذه الافكار لم يعد الآن موجودا. لأن هذه الافكار اصبحت مذهب فكري مستقل بذاته لا يعكس مصالح طبقية معاصرة. وبالتالي فالاستقلال النسبي في هذه الحالة كما في الحالة السابقة يكون تقريبا تام.

ما هو الفرق بين الاشكالية والمشكلة

الاشكالية هي منظومة من العلاقات بين مشاكل عديدة, لا تقبل الحل بطريقة منفردة وانما في اطار عام يشملها جميعا. فمثلا اشكالية الاصالة والمعاصرة هي اشكالية نظرية يميل استقلالها النسبي الى ال 100%. وهي لا تقبل الحل الا بتجاوزها لايجاد اشكاليات اغنى واكثر استجابة للتطور.

الاصالة والمعاصرة, هل هي ازدواجية مفروضةام اختيار ؟

اشكالية الاصالة والمعاصرة تُطرح في الفكر العربي المعاصر والحديث على انها مشكلة الخيار بين النموذج الغربي في السياسة والاقتصاد والثقافة ...الخ؛ وبين التراث بوصفه يقدم او يمكن ان يقدم نموذج اصيل يغطي جميع ميادين الحياة المعاصرة. ويمكن تصنيف المواقف وفقا لهذا الاختيار الى:
  • مواقف عصرانية تدعو الى تبني النموذج الغربي بوصفه نموذج العصر.
  • مواقف سلفية تدعو الى استعادة النموذج العربي الاسلامي كما كان قبل الانحراف, او على الاقل الارتكاز عليه لتشيد نموذج عربي اسلامي اصيل, يقدم حلوله لمستجدات العصر.
  • ومواقف انتقائية, تدعو الاخذ باحسن ما في الموقفين السابقين والتوفيق بينهما في صيغة تتوافر فيها الاصالة والمعاصرة معا.
ولكن الامر لا يتعلق بمواقف ذات حدود واضحة. بل بثلاثة اصناف تضم كل منها اتجاهات متعددة, ومزيج من الايدولوجيات. فمثلا بين دعاة المعاصرة نجد ايدولوجيا ليبرالية واخرى اشتراكية او ماركسية لينينية؛ او اصحاب النزعة القطرية الضيقة؛ او القومية العربية. وبين دعاة الاصالة نجد من يرفض كل نظم العصر ومؤسساته ويدعو للعودة الى النبع الاصيل (عصر الرسول). ونجد سلفيين معتدلين يقبلون كل ما لا يخالف الشرع او ما يمكن تبريره.
على اية حال يبقى السؤال امتعلق بالاختيار: هل ما زلنا نحن العرب في وضعية تسمح لنا بالاختيار بين النموذج الغربي وبين النموذج الاصيل المستوحى من تراثنا.
يقول الجابري ان العرب في الوضع الحالي لا يملكون هذا الاختيار, لأن النموذج الغربي فُرض على العرب منذ الاستعمار. وهو نموذج يقوم على مقومات لم تكن موجودة في النماذج الحضارية السابقة, في الاقتصاد والادراة والحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية؛ فُرض ابتدأ من التبادل الاقتصادي الغير متكافئ حتى التدخل بالشؤون الداخلية بذريعة الدفاع عن الاقليات.
العرب وجدوا انفسهم امام عملية تحديث كولونيالي للقطاعات التي تهم الغرب حتى وخصوصا بعد الاستقلال. عمليات التحديث لم تتأسس في الداخل بل نُقلت جاهزة من الخارج, بالاغراء او بالقوة.
الانسان لا يختار ارثه بل يحمله خلفه, ويحتمي به عندما يتعرض الى تهديد خارجي, وخصوصا الى تهديد زحف نموذج حضاري الاخر على نموذج حضارته.
وبما انها بقيت بنى قديمة من تراثنا, واحيانا بكامل قوتها, فإن مجتمعاتنا اصبحت تعاني من ازدواجية نمطين من الحياة الفكرية والمادية. احدهما مستنسخ عن النموذج الغربي ومتربط به ارتباط التبعية, والاخر اصلي تقليدي في صورته المتحجرة المتقوقعة. نموذجان يتصادمان في حياتنا اليومية على الصعيد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي, وعلى صعيد وعينا ونمط تفكيرنا. وبالتالي فالازدواجية مفروضة وليست خيار. وهنا الجابري لا يريد ان يقدمها على انها قضاء وقدر, بل يحاول ان يتلمس الطريق نحو معالجة موضوعية لهذه الاشكالية للوصول الى نتائج ايجابية.

السؤال النهضوي والانتظام في التراث

هذا السؤال لم يطرح في القرن الماضي , بل اتى كسؤال محوري في الفكر العربي الحديث, وهو: لماذا تأخرنا نحن العرب وتقدم غيرنا, وكيف ننهض للحاق بركب الحضارة الحديثة ؟.
السؤال النهضوي هو سؤال ينشُد التغير, ولا يُطرح الا وقد شق التغيير طريقه بفعل الصراعات الاجتماعية التاريخية.
يمكن القول ان ليس هناك قانون عام يحكم ميكانزمات النهضة. ولكن معظم النهضات عبرت ايدولوجيا عن بداية انطلاقتها بالدعوة الى الانتظام في التراث. أي العودة الى الاصول من اجل الارتكاز عليها في نقد الحاضر وفي نقد الماضي القريب باعتباره المسؤول المباشر عن هذا الماضي, ومن ثم القفز الى المستقبل.
ولشرح هذا الميكانيزم النهضوي, يقول الجابري انه عندما يبلغ الصراع بين القديم والجديد درجة من التطور, تعمد القوى الجديدة الى البحث في الماضي البعيد عن اصول تبدو مضامينُها وكأنها تؤسس الجديد, وتجعل الحاضر وأساليبه وكأنها انحراف عن تلك الاصول ومدان ليس فقط باسم المستقبل بل باسم الماضي ايضا.
نجد هذا الميكانيزم الايدولوجي النهضوي واضح في الثورة العربية الاولى, التي حققها الاسلام في الجزيرة العربية. حيث طرفا الصراع كانا قريش من جهة والحنفاء الذين يمثلون قوى التجديد من جهة اخرى.

فكرة التوحيد التي بشر بها الحنفاء كانت تعبر عن رفض سلطة قريش. التي كانت تتلمس السند لها من خلال شد العامة الى عبادة الاصنام.
فكرة التوحيد كانت تربط كل انواع السلطة بسلطة واحدة غير مشخصة. وبالتالي رفض أي سلطة مشخصة كمفهوم ايدولوجي. وهكذا ذهب الاسلام بالدعوة الحنفية الى ابعد مداها, فدخل في صراع مع قوى التقليد. حيث كان شعارهم: "حسبنا ما كان عليه ابائنا". فالاسلام لم يتجه الى المستقبل وحدة والى محاربة الماضي والحاضر, بل اتجه الى الاصل, الى دين ابراهيم كتراث اصيل قبل الانحراف, من اجل الارتكاز عليه وتحقيق القفزة الى المستقبل.
ونجد نفس الميكانيزم في النهضة الاوروبية الحديثة, وهي ألية العودة الى الاصول من خلال احياء الاداب الرومانية والاغريقية. وما تبع ذلك من نزعة انسانية والثورة على سلطة الكنيسة في العصور الوسطى. ونتيجة ذلك تفككت بنية العصور الوسطى وانبثق منها فكر جديد فلسفة وعلوما. وعاد مركز السلطة الفكرية الى تجربة الفرد والعقل. يقول الجابري ان الانسان في ميكانيزم النهضة,لا يطلب الماضي لذاته، بل يختزله في أصول, ليعيد إحيائها في صورة تساعده على تجاوز الماضي والحاضر على صعيد الوعي، ومن ثم الانطلاق إلى المستقبل تفكيراً وممارسة. [6]
كلا النهضتين: العربية الاولى والاوروبية الحديثة انطلقتا من الانتظام في التراث, ليس للوقوف عنده, بل لترتكز عليه في عملية التجاوز النهضوي للماضي والحاضر ومن ثم القفز الى المستقبل بتوازن واتزان.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: لماذا لم تنجح النهضة الحديثة في تحقيق التجاوز النهضوي للماضي. أو لماذا بقيت ازدواجية الاصالة والمعاصرة تمثل الاشكالية المحورية في الفكر العربي؟.
الجواب على هذا السؤال يكمن في معرفة لماذا لم تعاني التهضتين: العربية الاولى والاوروبية الحديثة, من هذه الاشكالية او بما نسميه التراث وتحديات العصر.

الأخر ودوره المزدوج

النهضةالعربية الاولى والنهضة الاوروبية الحديثة, قامتا في اعقاب سقوط ما كان يمكن ان يمثل المنافس لكل منهُما. فالنهضة العربية قامت بعد ان استنزفت الحرب الطويلة كل من الفرس والروم. وبالتالي كان هناك فراغ سياسي في المنطقة. ولو بقيا الفرس والروم على قوتهما لأجهضا هذه النهضة في مهدها.
وبالمثل حدث في النهضة الاوروبية الحديثة التي تزامن موعد انطلاقها مع تراجع الحضارة الاسلامية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر. والتي توجت بسقوط الاندلس وانتقال العلوم العربية الى اوروبا.
وهذا يعني ان ميكانيزم الرجوع الى الاصول في كلا النهضتين كوسيلة لاجتياز الماضي والحاضر, ما كان لينجح لولا غياب الاخر. لأن التهديد الخارجي يجعل الذات تحتمي في ماضيها, وتتثبت في مواقعها الخلفية للدفاع عن نفسها. وهذا يناقض مع استراتيجية الميكانيزم النهضوي الذي يتطلب اعادة احياء الاصول في الوعي للانطلاق الى المستقبل.
وبالتالي تعثر النهضة العربية الحديثة يرجع الى ان ميكانيزم النهضة كان وسيلة للدفاع فقط.

لماذا هذا الموقف المزدوج ازاء الماضي وماذا يترتب عليه

في حين ان النهضتين الانف ذكرهما انطلقتا بفعل عوامل داخلية بعيدة عن اي تهديد خارجي, النهضة العربية الحديثة كانت وليدة الصدمة مع قوى الغرب الرأسمالية والاستعمارية. والاخطر ان هذا هو ان الغرب لا يزال يقدم نفسه بمظهرين متناقضين: مظهر العدو ومظهر الحرية والديموقراطية والعلوم. وهذا ادى الى ازدواجية موقف النهضة العربية الحديثة, فالتبس ميكانيزم النهضة, الذي يعتمد على عملية العودة الى الاصول , مع ميكانيزم الدفاع الذي قوامه الاحتماء في الماضي والتثبت بالمواقع الخلفية. وهذا الوضع الاشكالي المتوتر هو ما تعبر عنه اشكالية الاصالة والمعاصرة. التي تشير الى نوع من التوتر بين الماضي والمستقبل, بين التراث والفكر المعاصر, بين الانا والاخر. مما جعلها لا تقوم على الاتصال والانفصال, بل على التنافر والتدافع.

الوضع الاشكالي للنهضة العربية

ان الحضور المستمر للعامل الخارجي وطابعه المزدوج (عدو ونموذج) جعل العلاقة بين قوى التقليد وقوى التجديد, علاقة متشابكة, لا تنمو في اتجاه التجاوز والانفصال وانما اقرب الى الاستقرار والركود. فالصراع في الوطن العربي لم يكن بين قوى التقليد وقوى التجديد وحدها, بل هو صراع مزدوج معقد لأنه:
  • صراع ضد الغرب ومن اجله في آن واحد. ضد التوسع والعدوان من جهة, ومن اجل القيمه الليبرالية من جهة اخرى.
هذا من جهة, اما من جهة اخرى وبفعل الطبيعة المزدوجة للاخر
  • لم تعد الاصول هي المتكأ عند قوى التجديد, بل النموذج الغربي فرض نفسه كأصل ينتمي الى المستقبل وليس الى الماضي. فاصبح الصراع في الساحة النهضوية العربية, صراع من اجل الاصول, ففريق يتمسك بالاصولية التراثية العربية الاسلامية, وفريق يدعو الى الاصولية الحداثية الغربية.
  • ومن جهة اخرى انقسمت القوى النهضوية على نفسها, لأن فريق كان يربط النهضة بالتحرر من السيطرة العثمانية, وبسبب عداوة الغرب للامبراطورية العثمانية, فقد كان ينتظر مساعدة الغرب في عملية التحرر. بينما كان هناك فريق اخر يبحث عن صيغة لتطوير الدولة العثمانية وتجديدها بهدف تقوية الخلافة الاسلامية.
  • خصوصية التركيب الاجتماعي في الوطن العربي من اقليات عرقية ودينية, باصولها المختلفة, أدى الى اعطاء الاولوية للصراع من اجل الاوصول بحد ذاتها. وليس الصراع ضد الاخر. او من اجل تجاوز الماضي والحاضر الى المستقبل.
  • بالاضافة الى ذلك انقسام الوطن العربي كان مظهرا اخر من مظاهر تعقيد اشكاليات النهضة العربية الحديثة. وهذا الانقسام كان النقيض العملي لحلم النهضة العربية, اي الوحدة.

العقلانية والروح النقدية

ثقافتنا محكومة بثقافة الاخر وتابعة له بقدر ما هي تابعة لثقافتنا القديمة. التحرر من تبعية الاخر تتم من خلال التحرر من تبعية الماضي. فكيف ذلك ؟
يقول الجابري ان التحرر من التراث لا يعني الالقاء به في سلة المهملات. مثلما التحرر من ثقافة الغرب لا يعني الانغلاق دونها.
التحرر من ثقافة الغرب يأتي عن طريق التعامل النقدي معها, في فهم مقولاتها وفي التعرف عن اسس تقدمها. لأن ما يحصل اليوم هو اننا نأخذ الثمرات ونعرض عن المبادئ والاسس. نستورد لنستهلك وليس لنغرس ونستنبت. ومن المؤكد ان هذه العمليات تعتمد على التربة الصالحة. ولذلك فنحن بحاجة الى اعادة كتابة تاريخنا الثقافي بصورة عقلانية وبروح نقدية. لكي نكتسب عقلانية اصيلة جديدة, ولكي تصبح التربة الصالحة لمبادئ العلم المعاصر.

خلاصات

اشكالية الاصالة والمعاصرة, هي اشكالية ثقافية تعبر عن الهوة التي يشعر بها المثقف العربي بين ثقافته القومية التي بمجملها هي ثقافة الماضي, وبين الفكر المعاصر الذي ما زال في جملته فكر الغرب.
ويقول الجابري ان الحاجة تدعو العرب الى تدشين عصر تدوين جديد, لا من الدعوة الى تبني نموذج معين او الاحتماء به, بل من نقد كل النماذج , لا بل من نقد العقل العربي نفسه.

مصادر

  1. ^ مارشال بيرمان 1981: "كل ما هو صلد يذوب في الهواء: اختبار الحداثة". Berman, Marshall 1981; All That is Solid melts into Air: The Experience of Modernity.
  2. ^ ستيفن تولمن 1992: "كوسموبولس: الأجندة المخفية للحداثة"، مطبعة جامعة شيكاغو: شيكاغو. Toulmin, Stephen 1992; Cosmopolis: The Hidden Agenda of Modernity, University of Chicago Press : Chicago.
  3. ^ جبرا إبراهيم جبرا، ندوة العدد « الحداثة في الشعر »، مجلة فصول العدد : 1 / 1982، ص 264
  4. ^ د. كريم الوائلي, تناقضات الحداثة العربية
  5. ^ إشكاليات الفكر العربي المعاصر/ محمد عابد الجابري
  6. ^ محمد عابد الجابري «التراث وتحديات العصر» مركز دراسات الوحدة العربية

وصلات خارجية