مستخدم:Hasanisawi/معنى الحقيقة/وليم جيمس

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
معنى الحقيقة هو كتاب من تأليف وليم جيمس صدر عام 1909, قبل وفاته بسنة. الكتاب يشمل مجموعة من المقالات التي كتبها جيمس لأستكمال المفاهيم الواردة في كتاب اخر له وهو البرغماتية, وللدفاع أيضا عن مذهبه في التجريبية الجذرية[1], ونظريته في الحقيقة التي تعرضت الى انتقادات عديدة, وجهها الفلاسفة لهذه النظرية وللبرغماتية بشكل عام. مثلا نقد برتراند رسل للبرغماتيون هو انهم خلطوا بين نظرية المعنى ونظرية الصدق. وهما يشيران بالتوالي الى برجماتية بيرس التي هي قاعدة منطقية لتحديد معاني الكلمات ومفاهيمها, والى برجماتية جيمس التي هي مذهب فلسفي يجعل من النتائج العملية المفيدة معيارا للحقيقة. [2]
جيمس يعرف الحقيقة بطريقة جديدة ويقول أن الصدق ليست عملية كشف عن حقيقة واقعية وليس واقعة مستقلة عن ذهن الانسان ولا حتى كامنة فيه. بل هي شيء يخلقه الانسان لإيجاد توافق ناجع بينه وبين العالم. صدق الفكرة هو النفع الذي تحققه من خلال التجربة العملية. فلا يوجد الصدق الازلي. وفقط التجربة هي المحك النهائي لمعنى الحقيقة ومقياس الحكم على صحة أو خطأ المعرفة. ولذلك فالبراجماتية تعتبر من الفلسفات التجريبية لأنها ترى أن التجربة هي مصدر المعرفة. ولكنها لا تربط التجربة بالواقع من حيث الاصول كما فعل لوك وهيوم, وانما من حيث النتائج التي تترتب عليها اي فكرة واقعية. أي البرجماتية تصرف النظر عن الأشياء الأولى والمبادئ، والمقولات، والضرورات المفترضة وتتجه إلى الأشياء الأخيرة، والآثار والنتائج والوقائع’ [3]
العالم الذي نعيش فيه ليس نظرية من النظريات، بل هو شيء كائن، مجموعة من أشياء كثيرة، وليس من شيء يقال له الحق دون سواه ! إن الذي ندعوه بالحق إنما هو فرض عملي ـ أي أداة مؤقتة نستطيع بها أن نحيل قطعه من الخامات الأولية إلى قطعة من النظام. فهذا العالم, خاضع للتحولات والتغيرات الدائمة ولا يستقر على حال " فما كان حقاً بالأمس ـ أي ما كان أداة صالحة أمس ـ قد لا يكون اليوم حقاً ـ ذلك بأن الحقائق القديمة، كالأسلحة القديمة ـ تتعرض للصدأ وتغدو عديمة النفع ". وكما كان يقول هيراقليطس التغير المستمر او السيلان الدائم.
جيمس لم يرفض الحقيقة المطلقة ولكنه لم يسلم بها, بل قال ان الحقيقة تتمثل في طريق تلتقي فيها الخبرات المتكاملة. وأن المطلق يعد صادقا اذا حقق الراحة الخلقية, التي ينطبق عليها معيار البرجماتية بشكل عام, وهكذا وجد جيمس نوع من التوافق بين العقليين والمثاليين. (ما هو الفرق بينهما؟)
اراد جيمس تطبيق منهجه العلمي على نظرية الحقيقة, ولكن ادرك انها ليست مجموع العمليات التي لا بد من القيام بها من اجل اثبات وامتلاك حقيقة ما. بل الحقيقة هي تلك التي تنقلنا من تجربة راهنة الى تجربة اخرى جديدة, فهي ليست الصورة المطابقة للشيء وانما فكرة تقودنا الى ادراك ذلك الشيء.
ولكن جيمس يعرف الحقيقة بطريقة اخرى, حيث يقول القضية لا تكون صادقة الا اذا اوصلتنا الى نتائج مرضية. أي مرهونة بما يترتب عليها من ارضاء لحاجات الفرد.
  • التعريف الاول يتعلق بالادراك المباشر للموضوع كمرحلة اخيرة من عمليات الوصول الى الحقيقة,
  • أما التعريف الثاني الحقيقة تبدو وكانها اقرب ما تكون الى الاعتقاد الحيوي credenza vitale
وقال ايضا ان الحق لا يكون حقا الا اذا كان في خدمة الخير.
اذا كانت الفلسفة التقليدية تميل لجعل الحقيقة تنظر الى الخلف , فان البرغماتية تجعلها تنظر الى الامام. او في اقوال اخرى: اذا كانت المذاهب الاخرى ترى الحقيقة وكانها اكتشاف, البرغماتية تراها اختراع.
الحقيقة ليست توافق مع الواقع وانما هي كذلك اذا تبت بالتجربة انها صالحة ومفيدة. وبذلك فالمنهج البرغماتي لا بد ان يستحيل الى مذهب تطبيقي Praticalismo. فلا يمكن تجاوز التجربة وليس هناك موضع للتحدث عن حقيقة مطلقة او الشيء في ذاته, بل حقائق متغيرة نتحقق من صحتها عن طريق التجربة. الحقائق كالاوراق النقدية تظل سارية طالما بقيت متداولة بين الناس.
في نظرية الحقيقة جيمس يستعمل كلمة نتائج بمعنيين مختلفين:
  • في المعنى الاول يقرر ان معنى اية قضية هي عبارة عن نتائجها المباشرة التي يمكن التحقق منها عن طريق التجرية. وهذا ما قصده بيرس حينما قال انه حيثما لا توجد نتائج عملية مباشرة لا يوجد معنى. ولو اخذنا بوجة نظره لكان علينا ان نسلم بانه لا ليس هناك موضع لاثارة الكثير من المشاكل الميتافيزيقية, كفكرة الله مثلا. لانه سواء قلنا انه موجود او غير ذلك, فليس باستطاعتنا برهنة ذلك عن طريق التجربة المباشرة.
  • في المعنى الثاني فانه يشير الى النتائج الغير مباشرة التي تترتب على الايمان بفكرة او التمسك بعقيدة. وهنا لا يمكن التحقق منها عن طريق التجربة المباشرة, ولكن للايمان هنا نتائج عملية مرضية.
أي ان اعتقاد الفرد بالله يحدث فارقا فيما يختبره الفرد في تجربته الشخصية.
وبالتالي جيمس وسع من معنى كلمة نتائج لتشمل الاثار الوجدانية والغايات العملية. وبالتالي فالحق يعبر عن الملائم في مجال التفكير, والخير يعبر عن الملائم في مجال السلوك. ولكن الاعتقاد يعتبر فرض ناجح اذا تلائم مع الافكار العملية الاخرى, وبالتالي يقال ان المنفعة الفردية لا تكفي لكي تكون الفكرة صادقة. [4]. أي ان الرأي الصحيح هو الذي له فائدة عملية لأكبر عددٍ من الناس.
نحن لا نكف عن امتحان معتقداتنا عن طريق التجربة. أي يمكن ان نحتفظ بها او نعدلها او نستبدلها بغيرها, ولا نقيس قيمتها بمعرفة مصدرها, بل بمعرفة الغاية التي افضت بها, وما اذا كانت فروضا ناجحة واوصلتنا الى نتائج مرضية.
البرغماتي يريد ان يبحث عن الحق حتى لو وقع في الخطأ, وارادة الحق تنجح حيث يستحيل العقل على تقديم ادلة نظرية.يذكر جيمس في "أرادة الاعتقاد" بأن اعتقاد الاشخاص بوجود الله يبرر وجوده ويحققه, وأن وجوده يترك أثراً
على سلوكهم , أي يخلق التفاؤل والخير ويحقق الأمن والسعادة. وبالتالي فأن جيمس يستدل على وجود الله مما ينتج من أثار, فالتجربة الدينية هي التي تدل على وجود الله ونحن نسلم بهذه التجربة . أذن جيمس لا يهتم بما اذا كان وجود الله موضوعي , ولا يهتم اذا كان هذا العالم من خلقه . وغيرها من التساؤلات التي لا تهم جيمس بأي حال , وما يهمه هو فقط الجانب العملي لأي اعتقاد أو أيمان. أي اذا كان للاعتقاد نتائج ايجابية فهو فرض ناجح ولا بد أن يؤخذ به . [5] ولكن برجماتية جيمس تعني ايضا التخلص من الكائنات الميتافيزيقية التي لا تحقق نفعا عمليا لسلوك الانسان. وتعني عدم التواكل ورفض الكسل والدعوة الى المغامرة للبحث عن مصداقية الفكرة للحصول على منافع مادية ونفسية فورية.

محتويات

     1 تمهيد
        1.1 وظيفة الوعي
        1.2 النمور في الهند
        1.3 المذهب الانساني والحقيقة
        1.4 العلاقة بين العارف والمعروف
        1.5 جوهر المذهب الانساني
        1.6 مزيد من القول عن الحقيقة
        1.7 موقف الاستاذ برات من الحقيقة
        1.8 التفسير البرجماتي للحقيقة واسباب سوء الفهم
        1.9 إشكال النص
        1.10 مفهوم النص
        1.11 أطروحة النص
        1.12 أفكار النص
    2 مصادر وحواشي

تمهيد

تتسم فلسفة وليام جيمس بمناهصة النزعة المثالية، ولذلك فقد أسس مذهبا عمليا قوامه فكرة التغير و الصيرورة و التعدد، أما ما يحدد معنى الحقيقة هو ما يترتب عليها من نتائج Conséquences , كما أنها ضرب من التحقق Vérification كما هو الحال في العلوم الطبيعية.
ويعرف وليم جيمس الحقيقة بأنها " مطابقة الأشياء لمنفعتنا ، لا مطابقة الفكر للأشياء ", او بكلمات اخرى مطابقة ما في الاعيان لما فيي المنفعة , وليس مطابقة ما في الاذهان لما في الاعيان.
الفرق بين البراجماتية والمذهب العقلي هو أن الحقيقة في نظر الاخير جاهزة وكاملة منذ الأزل، في حين أنها في نظر الاول لا تزال في مرحلة التكوين.
يركز وليم جيمس في كتابه معنى الحقيقة على البرغماتية, ومعنى الصدق الذي يحدث بين الفكرة وموضوعها. فكما ان الصدق هو الشيء الوحيد الذي نستفيد منه في طرقة تفكيرنا, فكذلك الصواب في طريقة سلوكنا.
تكمن قيمة الحقيقة حسب الموقف البرجماتي المعاصر الذي يمثله وليام جيمس في كل ما هو نفعي، عملي ومفيد في تغيير الواقع والفكر معا. من هنا فالحقيقة ليست غاية في ذاتها، بل هي مجرد وسيلة لإشباع حاجات حيوية أخرى. والأفكار الحقيقية هي تلك التي نستطيع أن نستعملها وأن نتحقق منها واقعيا، أما الأفكار التي لا نستطيع أن نستعملها وأن نتأكد من صلاحيتها فهي خاطئة. وعموما، يرى وليام جيمس، أن الأفكار الصادقة هي تلك التي تزيد من سلطاننا على الأشياء؛ فنحن نخترع الحقائق لنستفيد من الوجود كما نخترع الأجهزة الصناعية للاستفادة من قوى الطبيعة.
هكذا يقدم لنا وليام جيمس تصورا أداتيا للحقيقة، أي مجرد أداة للعمل وتحقيق منافع مختلفة قد تتغير بتغير الظروف والأحوال، فالحقيقة ذات طابع نسبي متجدد.
فلسفه جيمس البراجماتية هي فلسفة توليفية.. توفيقية. إنها فلسفة تسعى إلى التعايش فوق كل شيء، إلى طريقة للمعايشة بالوفاق مع المعايشيين بصرف النظر عن أي إعتبار آخر. [6]
صدق المعتقدات الدينية مرتبط بما تحققه من راحة نفسية, فالمطلق هو احدى طرق الخلاص وبه يشعر الانسان بالامن والامان. وبالتالي فالحقيقة (أو صدق الفكرة) عند البرجماتيين متعلقة سواء بالنتائج المادية أو النفسية المترتبة على الافكار. أما عندالغير برجماتيين فهي متعلقة بموضوعاتها. [بحاجة لمصدر]

وظيفة الوعي

المعرفة تتحقق من خلال افعال العقل, وهي الوعي, والعامل الاول لوجود حالة من الوعي هو الادراك. والادراك بالذات هو ما يسميه جيمس الشعور. الذي هو مستقل عن ادراك الوقائع الخارجية. ويقول جيمس ان عملية الخلط بين المعرفة المباشرة وتلك الغير مباشرة تؤدي الى عدم الوضوح.
اذا اشرنا الى الشعور كواقع ق1, فأي واقع ق2 يشابهه دون ان تكون القدرة لدى ق1 العمل في ق2, فهو حلم؛ وإن استطاع ق1 العمل في ق2 ولكنه لا يشابهه, فيكون ق1 خطأ. تتشابه عقولنا من خلال التشابه المتبادل لمشاعرنا الخاصة بادراكاتنا الحسية, التي تستطيع تعديل بعضها البعض.
أهمية الحقيقة عند البرجماتية تكمن في الاعتقاد باستقلالية الواقع عن الفكر, والتجربة هي الاداة التي تربط بينهما, او بين الذات والموضوع. وهذه العلاقة يجب ان تشير الى واقع معين وليس الى اي شيء اخر. لأن الهدف هو الحصول على التشابه بين الفكرة والواقع, وهكذا تصبح الحقيقة خبرة حسية مستمرة.

النمور في الهند

معرفة الاشياء تتم بطريقتين:
  • المباشرة الحدسية [7]
  • والصورية او التمثيلية. مثلا معرفتنا للنمور الغير موجودة امامنا تأتي من خلال حضورها بصورة معينة في فكرنا, وهذه هي معرفة عقلية.
المعرفة للشيء الذي امامي هي معرفة حدسية مباشرة. أما معرفة النمور في الهند فهي معرفة رمزية او بالتمثل. وهذه المعرفة بحاجة الى وسائط مادية وفكرية لتربط بين الفكر والموضوع. أي ان معرفة الموضوع يتم من خلال السياق الوسائطي الذي يمدنا به العالم.
وتتميز المعرفة الحدسية عن تلك التمثيلية بانها لا تقدم أي فرق بين مادة الفكرة ومادة الشيء. كما هو الحال مثلا عندما يكون الموضوع الورقة التي امامي. لأنه في هذه الحالة لا توجد وسائط بين الفكر والشيء.

المذهب الانساني والحقيقة

يقول بيرس ان لم يكن هناك فرق عملي في صدق عبارة معينة, فهي بلا معنى. وصدقها يكون في نتائجها الحسنة. ولذلك قدم الاستاذ شيلر اقتراح بتسمية البرجماتية بالمذهب الانساني. وشرط المذهب الانساني ان يكون الشخص صاحب فكر استقرائي (من الجزئي الى الكلي), أي يبتعد عن التعريفات الجازمة ويقترب الى الليونة في التفكير, الى ان يصبح عقلك عاطفيا. لأن الرضا يتحقق في مجموعة من الاشياء التي نضيفها تدريجيا او نتخلص منها, اي بالتصحيحات المتتالية والتحسينات. والحقيقة ليست محاكاة, وليست صورة كاملة للواقع بل محاولة لاستكمال معتقداتنا الناتجة من الفهم المشترك من خلال التجربة. لأن الخبرة العملية تقدم مادة جديدةلادراكنا العقلي والتي يمكن ان نقبلها او نرفضها او ننظمها بطريقة اخرى.
المعرفة هي علاقة مفيدة مع الواقع, والبرجماتية تحاول تفسير هذه العلاقة بشكل دقيق للحصول على شكل كامل وصورة متسقة من خلال التفاعل بين الحس والفكر.
الخبرة العقلية او الادراكية في المذهب الانساني يجب ان تكون مطابقة للواقع, حتى تكون خبرة صحيحة. والتطابق يعني ايجاد طريقة للتوصل الى نتيجة مرضية فكريا وعمليا. وتمثل الحقيقة التي تعكسها الخبرة المطابقة نقطة ايجابية بالنسبة للواقع السابق عليها وربما يجب على الاحكامالتي بعدها ان تتطابق معها, لذلك تعد صادقة بالقوة. والحقيقة الفعلية او بالقوة, وفقا للمنهج البرغماتي شيئا واحدا, أي امكانية وجود اجابة واحدة حين يتم طرح السؤال.

العلاقة بين العارف والمعروف

الذات والموضوع كيانان منفصلان ولكنهما مرتبطان بخبرة واحدة لذات معينة او لذات اخرى وفقا لروابط الانتقال.
العلاقة المعرفية بموضوع تكون صورية ومستندة على خبرات متوسطة. فعلية او ممكنة, وتتصف بالاستمرارية والتقدم والتحقق حين تصل الى الموضوع او المدرك الحسي. وهذا يعتبر الحد النهائي لسلسة الوسائط والخبرات. اهمية هذا النوع من المعرفة هي ان الخبرة قادرة على تصور الموضوع بالمعنى العملي وليس المجرد. القيمة الفورية للتعالي الذاتي تكمن في معرفة النتائج. وبغض النظر عما اذا كانت مفاهمينا عن الاشياء الخارجية متعالية ذاتيا, المهم ان لا يكون هناك اختلاف حول النتائج المترتبة عليها بالنسبة لحياتنا العملية (يبدو واضح ان الغاية تبرر الوسيلة).
يعتبر الترانسندنتالي افكاره متعالية ذاتياً بسبب نتائجها أو قيمتها، فلماذا يعارض التفسير الذي يحاول تحديد هذه النتائج ؟. لماذا لا ينظر إلى نجاح الفكرة وانتقالها من مرحلة إلى أخرى كجوهر لتعاليها الذاتي؟.

جوهر المذهب الانساني

وضح جيمس ان الخبرة ذاتها ككل متكامل لا تعتمد على اي شيء اخر سوى اعتماد اجزائها على بعضها البعض.
المذهب الانساني يقدم دينا قابلا للتفسير العقلي وهذا ساهم في زيادة عدد الاشخاص المعتقدين به. تعددية المذهب الانساني جعلته فلسفة مؤثرة اكثر من الفلسفات الاخرى. - لأنها فلسفة اجتماعية قائمة على التعاون والارتباط. ومن الاسباب التي ادت بجيمس الى اعتناق هذا المذهب , يتمثل في قدرته على تحقيق الاقتصاد في الفكر من خلال التخلص من االمشكلات الواحدية (مثل مشكلة الخير والشر) , ومن تناقضات المسائل الميتافيزيقية.
في المذهب الانساني العارف والمعروف اجزاء من خبرة واحدة كل جزء منها ينوب عن الاخر ولكنه لا ينوب عن الواقع خارج الوعي. فالفكرة والشيء شيئان معروفان لأن الخبرةربطت بينهما.
نظرية المعرفة في المذهب الانساني لا تظهر ثغرات تسير في خط واحد باستمرارية سواء كانت المعرفة نظرية او عملية. والواقع الخارجي يمثل الحد النهائي لمجموعة الخبرات الممكنة.

مزيد من القول عن الحقيقة

يقول سترونج في مقال بعنوان نظرية طبيعية في علاقة الفكر بالواقع:ان نظرية جيمس في الادراك تختلف عن تلك ل جرين في ان الاولى مبنية على علاقات سارية متعاقبة, بينما الثانية وثابة. في العلاقات الوثابة يتم الانتقال من او القفز من حد الى حد اخر, اما في العلاقات السارية فالانتقال يتم من خلال الخبرات الوسيطة المتداخلة للانسان. وبواسطةهذه العلاقة,خطوة خطوة, يعرف الانسان موضوعا معينا. فإن كان هناك وقائع حسية, فالفكرة تدفعنا باتجاه الموضوع فنحس به مباشرة. فالفكرةتساعدنا للاقتراب من الموضوع سواء كان نظريا او عمليا.ولولا الفكرة لما استطاع الانسان معرفة اي موضوع.
المعرفة تتم من خلال الخبرات الوسيطة, وعندئذ ترتبط الفكرةبموضوعها الجزئي المعين, والنتائج تساعدنا من التحقق من موضوع ما لقبولهاو رفضه. لذلك الخبرات الوسيطة تعتبر اساسا لا يمكن الاستغناء عنه في اي علاقة حسية, كما المكان يعتبر وسيط لعلاقة المسافة. ان الادراك هو الانتقال منحد او نهاية هنا الى حد او نهاية هناك.
انمعرفة الانسان الحاضرة بموضوع معين تكون متضمنة بصورةمجردة النتائج التي قد يصل اليها.
النظرية المعرفية تنهار في حالة اهمال الوسائط اوفي حالة انكار وجودها كأشياء بالقوة.
ويقول جيمس بتساوي المعرفة النظرية بالمعرفة العملية,حتى وان كانت الاوصاف النظرية مفيدة بالشكل والدرجةالكافية, فلا يمكن اعتبارها ذات طيعة مختلفةعن الاوصاف الحسية, لأن المعرفة تعتبر عملية طبيعية كاي عملية طبيعية اخرى. ولا يمكنان يكون اي انتقال للمعرفة ان رفضنا وصف النتائج.
الرضا هومسأة ذاتية مثل الفكرة, بينما الحقيقة مسألة موضوعية. الحقيقة تحدث بينفكرة معينة والواقع الموضوعي, ولكن بوصفه محمولا يجب ان ينطبق مع الفكرة, وليس مع الموضوع.
الحقيقة الكاملة لأاي موضوع يعني الالتحام بينالانسان والموضوع. كما يتم في مرحلة الادراك الحسي في الفهم العام

موقف الاستاذ برات من الحقيقة

من الخطأ القول ان الحقيقة الكاملة موجودة في الخبرةالخاصة لشخص ما, او انها شيء ذاتي خالص , بل الحقيقة موجودة في الفكر والموضوع على حد سواء.
برات اتهم البرجماتية بانها انكرت مسالة التشابه بين الفكرة والموضوع. ولكن جيمس يقول ان صدق افكرة يتوقف على مدى تشابهها مع الموضوع. التشابه يعني امكانية تحقق الفكرة.
برات يقول لا تكفي النتائج الناجحة لتشكيل اساس علاقة الصدق.بالرغم من انها جزءا اساسيا.

التفسير البرجماتي للحقيقة واسباب سوء الفهم

يرى جيمس ان اسباب سوء الفهموالانتقادات التي وجهت للبرغماتية تعود الى 8 نقاط:
  • 1 البرجماتية هي نسخة مكررةعن الوضعية
الوضعية تتفق مع المذهب الشكي اللارادي ومع المذهب العقلي الدوغماطيقي في ان الانسان يعرف معنى الحقيقة دون الحاجةالى اي تفسير. ولكن هذه المذاهب تقول انه لا يمكن الوصول الى الحقيقة المطلقة. ويجب الاكتفاء بالحقيقة الظاهرية. وهذا بعيد كل البعد عن البرغماتية التي تريد اعطاء معنى للحقيقةسواء كانت مطلقة او نسبية. البرجماتية تجاهلت احتمالية وجودعقل يمتلك الحقيقة, وتجاهلت معنى الحقيقة النظري وانواع الاحكام الصحيحة.
  • 2- فإن قيل ان البرغماتية تعطي اهمية للافعال
قلنا النتائج ليست فقط المادية للافكار بل هي ايضا نتائج للعالم العقلي. صحيح ان البرجماتية تتبعها نتائج عملية, إلا أن الوقائع ليست وحدها المتغيرات المستقلة, بل افكارنا ايضا هي وقائع متغيرة مستقلة. فكما أن افكارنا تتبع واقع خارجي وتناسبة لتتلائم معه, فكذلك هذا الواقع يتبعها ويناسبها ليتلائم معها. فالواقع يكون ناقص ان لم تهتم به الافكار, ولذلك فالبرجماتية تفتح بابا للعقل.
  • 3- حرم البرجماتيون انفسهم من الحق في الاعتقاد بالوقائع الخارجية
البرجماتيون يرون ان الشرط في صدق فرضية ما هو في مقدار ما يحقق من رضا للشخص المعتقد بها.
  • 4- البرجماتي لا يستطيع ان يكون واقعيا وفقا لنظريته المعرفية
نظرية المعرفة العادية تقنع نفسها بالحكم الغامض الذي يقول ان الافكار يجب ات تطابق الواقع. ولكن البرغماتي يقول ان الافكار يجب ان تشير الى واقع معين وليس الى اي شيء اخر. ويجب ان تحقق نتائج مرضية.
وفقا للمذهب العقلي المعرفة تزداد صوابا كلما تعمقت في بحر التجريد, أما البرغماتي فيرى ان الاتجاه الحسي والواقعية مكون من جميع الاجزاء: الواقع هو طرف من الخبرة والعقل هو الطرف الاخر, فالرضا ليس اشباعا نظريا وانما هو اشباعا حسيا. الناس تشعر بالرضا عندما تكون افكارها صحيحة, وعندما تعتقد بالامل وتتخلص من الشك.
  • 5- البرجماتي غير متسق مع نفسه
في نظر البرجماتي الحقيقة هي صفة لافكارنا وبالتالي يترتب عليها الرضا. وهذه الافكار التي تتجمع حولها مشاعر الرضا هي فروض تتحدى ان ياتي بينها اعتقاد اخر. الانسان يتمسك بغاية ذاتية لحقيقة معينة لانها تتحول الى حقيقة موضوعية غير قابلة للالغاء.
  • 6- البرغماتية لا تفسر الحقيقة وانما تبين فقط كيفية الوصول اليها
الصعوبة التي يواجهها المنتقد تكمن في عدمقدرته على فهم كيف يمكن ان يكون للحكم الحسي نفس قيمة الحكم النظري. فالخلاف هو خلاف بين المحسوس والمعقول, او بين النظري الواقعي. روابط الخبرة المترتبة على فكرة معينة تتوسط بينها وبينالواقع, فالحقيقة المفردة تعني مجموعة من الحقائق المتعددة التي تتكون منها سلسلة من الحوادث.
  • 7- البرجماتية تتجاهل المسائل النظرية
حقيقة الاعتقاد لا تتكون الا بالنتائج العملية, وهي ما يقابل الادراك النظري. الحقيقة ليس لها علاقة مع اي واقع مستقل او حقيقة اخرى.
  • 8- البرجماتية تقع في الذاتية
البرجماتية تفترض وجودالوقائع ولكنها لا تناقش تكوينها او تحكم عليها مسبقا. وجميع المذاهب الميتافيزيقية يجب ان تأخذها كأساس لها. البرغماتية ليست لها صلة بالذاتية او بالمذهب المثالي.

إشكال النص

هل قيمة الحقيقة تكمن في ذاتها أم فيما يمكن التحصل عليه من ورائها؟, وهل تتحدد هذه القيمة من خلال كونيتها أم على من فرديتها؟.[8]
الفكرةالرئيسية في كتاب جيمس تقوم على تفسير العلاقة بين الفكرة وموضوعها. أي الصدق هو الشيء الوحيد النافع في طريقة تفكيرنا والصواب هو الشيء الوحيد في طريقة سلوكنا

مفهوم النص

البراغماتية: مذهب فلسفي لا ينظر للحقيقة من زاوية أسبقية الفكر أو الواقع، بل فيما تجلبه من منفعة عملية.

أطروحة النص

الحقيقة ليست مطابقة العقل لذاته أو لموضوعه ، بل انها مطابقة للعمل, أي الحاجات النفعية للحياة الإنسانية. فالفكرة الصادقة هي المفيدة لفكرنا وسلوكنا.

أفكار النص

يتفق الماديون والواقعيون على مفهوم مطابقة الفكر للواقع. بسب اسبقية الواقع منطقيا وزمنيا. أما عند المثاليون والعقلانيون فالاسبقية للفكرة على المادة والواقع، ولكن كلا الفريقين يرى نوع من المطابقة بين العنصرين في تشكل الحقيقة. أما المذهب البراغماتي فيختلف عن المذاهب السابقة ، في ان الفكرة الصحيحة هي النافعة على مستوى السلوك أو الشعور والمصلحة.

مصادر وحواشي

  1. ^ جيمس اشار في مقدمة كتابه " معنى الحقيقة The Meaning of Truth "بأن " التجريبية الجذرية تحتوي قبل كلّ شيءعلى مسلّمة ، ثم على تأكيد للواقع ، وأخيرا خلاصة كاملة. والمسلّمة هي مبدأ الذرائعية ، تستخدم لتميز الواقعي من الفكري ، أو بالأحرى ما يجرب وما لا يجرب ، أو ما يسمح بإدخال الفكر الذي يجرب في عالم التجربة المحضة. إذاً التجريبية ليست إلاّ مسلّمة الواقعية./ الذريعة في الفلسفة البراكماتية وانعكاسها على السياسة الخارجية الأمريكية في القرن الحادي والعشرين/ م.نزار نجيب حميد
  2. ^ المذهب البرغماتي/ الديوان الوطني للتعليم و التكوين عن بعد
  3. ^ w.james,pragmatism,p54-55
  4. ^ البرغماتية
  5. ^ سيكولوجية الدين عند وليم جيمس/ منتهى عبد جاسم/الحوار المتمدن-
  6. ^ كما كان ولا زال المذهب الأشعرى مذهب توفيقي، استطاع أن يوفق بين مذهب أهل السنة وبين العقل
  7. ^ المعرفة الحدسية
  8. ^ المحور الثالث : الحقيقة بوصفها قيمة 5- نص وليام جيمس، الكتاب المدرسي: منار الفلسفة